- Posted on
- Fatima Bailey
- No Comments
هل يجلس الأشخاص المناسبون على الطاولة؟
القيادة الأصيلة والمستدامة لقيادة وتحسين مدارس القرن الحادي والعشرين
خصصت الإمارات العربية المتحدة عام 2023 “عام الاستدامة” (1)، في مواصلة لجهود الدولة نحو اتخاذ خطوات كبيرة تسعى لابتكار وصياغة مسارات جديدة للممارسات المستدامة في جميع القطاعات بما في ذلك التعليم. ولتحقيق هذه الغاية، يتحتم اختيار نوع محدد من القيادة الحيوية يحقق الإبداع والاستمرارية في المدارس، مثل القيادة المستدامة والتي تعد أحد الخيارات المطروحة. رغم تكليف قادة المدارس بإجراء التغييرات والإصلاح في مدارسهم، إلا أن الكثيرين يبتعدون عن التعهد والالتزام بإحداث تغيير هادف وطويل الأمد من خلال استراتيجيات مستدامة وممارسات أصيلة. إن الحاجة المتزايدة إلى تحقيق التحسين المستمر في المدارس تعني أن الوقت قد حان لتسريع تفكيرنا، وابتكار أساليب جديدة، وتكييف أفعالنا. نرى من خلال المحادثات الدائرة قادة المدارس يتعاونون ويجتمعون ويجلسون مع أعضاء مجتمع التعلم الخاص بهم لإنشاء مسارات للمضي قدماً.
مرحباً بكم على الطاولة
يُكلَّف قادة المدارس بإحداث التغييرات وتنفيذها وإيجاد طرق للحفاظ على الاستمرارية. القيادة المستدامة والحقيقية هما كلمتان طنانتان سمعتهما بشكل متكرر في عدد من الاجتماعات والندوات والأدبيات البحثية حول الأنماط الحالية السائدة. تعد دعوتك إلى اجتماع والجلوس على “الطاولة” فرصة للمشاركة وتبادل الأفكار وبناء الذكاء الجماعي حول القضايا الأساسية، حيث توفر تلك الاجتماعات منصة ليستمع إليك الآخرين، ولتنصت لهم. عادةً ما يستخدم المدعوون لحضور اجتماعات القيادة المدرسية مستوى من التأثير، مستفيدين من مصداقيتهم وخبراتهم لاتخاذ القرارات، ودفع المبادرات إلى الأمام، وبدء السياسات، وإحداث التغيير. يجلس قادة المدارس على الطاولة في كثير من الأحيان، وعلى فترات مختلفة، ولأسباب متعددة ومحددة، ويتعين عليهم أن يفكروا بعناية في الأشخاص الذين يدعونهم إلى الطاولة للمساعدة في بناء الذكاء الجماعي، ومعالجة المشاكل المعقدة، والتوصل إلى حلول لن تنجح على المدى القصير فحسب، بل على المدى الطويل أيضاً. إن احتياجات التعليم اليوم ديناميكية ومعقدة.
يحدثنا الاستطلاع
دفعني تفكيري في المحادثات والحوارات التي أجريتها مع قادة المدارس حول التحديات التي يواجهونها لإنشاء إصلاح هادف وتغيير دائم في المدارس، إلى القراءة عن الفروق الدقيقة والأنماط السائدة في القيادة. ومن المثير للاهتمام أنني وجدت مدونة لمركز القيادة الإبداعية (2023) تتضمن استطلاع رأي واستفتاء، وتمحور سؤال الاستطلاع حول أقوى مهارات الاتصال التي ينبغي لقادة اليوم إظهارها. عندما قرأت السؤال، فكرت لأول وهلة، “أوه، هذا سهل.” ظننت أن المهارة الأولى والأهم المطلوبة هي “الثقة” أو أن تكون “جديراً بالثقة”. رغم ذلك، لم تكن الثقة أحد الخيارات الأربعة.
أكملت الاستطلاع باستخدام خيارات الإجابة المطروحة، وهي: 1) الأصالة، 2) تحديد توقعات واضحة، 3) تشجيع المساهمة، و4) التبسيط والصراحة. فكرت في قراءتي وتجربتي، ثم عدت لاحقا لأطلع على نتائج الاستطلاع ولفت انتباهي أن خيار “تحديد توقعات واضحة” حظى على نسبة تصويت تصل إلى أكثر من 55%، وهو ما لم أتفق معه، وتساءلت لماذا ولّد هذا الخيار هذه النسبة العالية.
طرح القضية
كان ينبغي، من وجهة نظري، أن تكون الثقة أحد الخيارات والاستجابات. ولكنها لم تكن كذلك، مما دفعني للسؤال عن السبب. لنعد مرة أخرى إلى “الجلوس على الطاولة” ولماذا أعتقد أن الثقة مهمة جداً. تبادرت إلى ذهني المزيد من الأسئلة، ماذا يعني أن تكون موضع ثقة؟ ما هي أهمية ذلك؟ كيف تتطور الثقة؟ هل يمكن للقادة أن يبذلوا قصارى جهدهم إذا لم يكونوا موضع ثقة للقيام بذلك، أو إذا كانوا غير قادرين على الثقة بالآخرين في فريقهم؟ هل صفة وسمة الثقة تقود المرء إلى أن يكون أصيلاً؟ كيف يمكن للمرء أن يفعل هذا مع ضمان الاستمرارية؟
القيادة بأصالة
حظيت بعدها بلحظة إلهام حول نوع القائد الجدير بالثقة المتميز بالأصالة، وكيف يمكن لتلك الصفات أن تصيغ طبيعة قيادته. “الأصالة” تعني أن تكون صادقاً مع نفسك ومع قيمك باستمرار، وألا تتظاهر بأنك شخص آخر، وهي صفة يجب أن تتوفر في قادة المدارس وأن يعملوا على إثباتها. عندما يكونوا صادقين ومتسقين وحقيقيين، يمكن لأولئك الذين يعتمدون عليهم أن يشعروا بذلك، ويرونه، ومن المرجح أن يثقوا بهم لأنهم يشعرون أن قادة مدرستهم لا يخفون أي شيء أو يحاولون إيذائهم أو التلاعب بهم. قد يشعر المعلمون وأولياء الأمور والطلاب بالاطمئنان من قبل قادة المدارس الذين يظهرون “مدى التزامهم الحقيقي والصادق والمتعمد” برعاية المتعلمين في المدارس وتحسين رحلة التعلم للأطفال.
القيادة بشكل مستدام
قادة المدارس مسؤولون عن تغيير الحياة من خلال تغيير التعليم، وينبغي لهم أن يقودوا بطرق أصيلة يمكن لها أن تصبح مستدامة. تتمحور القيادة المستدامة حول قيادة الآخرين نحو تغيير متسق، وقابل للتنفيذ، ومؤثر، وطويل الأمد. يركز القادة المستدامون على اتخاذ قرارات متجذرة في المبادئ والقيم الأخلاقية القوية ويلتزمون بضمان المسؤولية الاجتماعية. (2) فهم مدركون لكيفية تفاعلهم مع الآخرين، وعرضهم لأفكارهم، وقادرين على مشاركة عمليات تفكيرهم من خلال حوار مفتوح مع الآخرين. كما أنهم يحشدون ويدعمون الجهود لتحسين المدرسة، ويعيدون ضبط المعايير وتشكيل التناغم. تتطلب المدارس اليوم من مديريها ونوابهم والقادة المتوسطين والمعلمين وأولياء الأمور والطلاب أن يكونوا قادة مستدامين، ليخدم كل منهم دوراً حيوياً في مساعدة المدارس على الاستمرار للأمام. (3)
شارك في تحدي القيادة: الغد يبدأ اليوم
أُشجع قادة المدارس على التفكير فيما يعنيه ذلك بالنسبة لهم، وكيف يمكنهم دمج القيادة الحقيقية والمستدامة في عملهم لمساعدة مجتمعهم التعلمي على الازدهار. هل أنت مستعد لخوض تحدي قيادة جديد؟ إن طُلب منك “الجلوس على الطاولة” والانضمام إلى اجتماع لمشاركة أفكارك و/أو خبراتك و/أو تجاربك… فكر فيما إذا كنت الشخص المناسب واسأل نفسك كيف ستفعل ذلك، لأن الطريقة التي ستجلس بها على الطاولة… ستعكس بشكل مباشر أسلوبك في القيادة، وقد تساهم في تشكيل القرارات والإجراءات والنتائج المستقبلية. الطريقة التي تختارها لتجلس على الطاولة اليوم قد تؤثر على من يجلس على الطاولة غداً. أتمنى لك جلسة سعيدة!
Powerful Communication Poll: Center for Creative Leadership (4)
الاقتباسات والحواشي
(1) Year of Sustainability. https://uaeyearof.ae/ accessed on November 15, 2023
(2) Liao Y. (2022). Sustainable leadership: A literature review and prospects for future research. Frontiers in psychology, 13, 1045570. https://doi.org/10.3389/fpsyg.2022.1045570
(3) Özkan, P. (2022). School Principal as An Environmentally Sustainable Leader, Journal of Educational Leadership and Policy Studies, 6(1)
(4) Leadership Skill Poll. Center for Creative Leadership https://www.ccl.org/contact-us/ accessed on November 15, 2023
د. فاطمة بايلي | رئيس قسم تعليم المعلمين
تتمتع د. فاطمة بايلي بأكثر من 25 عاماً من الخبرة في التعليم. وعملت في بداية مسيرتها المهنية في التعليم ما قبل K12 كمديرة، ومديرة مدرسة، ونائبة مدير ومعلمة في دولة الإمارات العربية المتحدة والولايات المتحدة. وقادت عمليات تخطيط وتطوير وتنفيذ نشاطات التعليم الهجين في مؤسسات متعددة. كما كانت جهودها جوهرية في حصول جامعة زايد على اعتماد (CAEP) مجلس اعتماد تعليم المعلم، وفي تجاوز مؤشرات الأداء الرئيسية للاعتماد.
تعمل د. بايلي أيضاً كمرشدة في برنامج تآلف، للتطوير الوظيفي للمعلمين في مؤسسة الجليلة، إلى جانب عملها كمستشارة في مشاريع مثل فريق عمل القيادة التابع لعميد جامعة زايد، ودليل وإطار عمل الهيئة الوطنية للمؤهلات QFEmirates، ونظام ترخيص المعلمين التابع لوزارة التربية والتعليم في دولة الإمارات العربية المتحدة. حصلت د. بايلي على جائزة غوردن أولبرت للأبحاث المتميزة حول العلاقات بين المجموعات، من جمعية الدراسة النفسية للقضايا الاجتماعية.