- Posted on
- Hesham Metwalli
- No Comments
كل ما يمكنك تخيّله هو حقيقة
القيادة المتجددة
أعلم أنكم تتساءلون الآن ما هي القيادة المتجددة؟ في السطور القادمة سأشرح لكم ما تعنيه، وكيف لها أن تؤثر على نظامنا التعليمي، وكيف نحقق منها الاستفادة القصوى.
القيادة المتجددة هي نمط من أنماط القيادة التي تؤكد على أهمية التعاون وتؤمن بأن لدى الجميع إضافات قيّمة يمكن أن تساعد في تحسين الصورة الأكبر، إذا ما تم تمكينهم ومنحهم الفرصة. وهي نهج رائد يمكن أن نصفه بأنه تعاوني وتنموي وليس اختزالي ومتسلط، يهدف إلى إعادة ترتيب الجهود التي تتم على نطاق صغير لخلق المزيد من الطاقة وزيادة فرص التعاون بين المعلمين مما يسمح لنا بالتعلم معاً وأن نستفيد من خبرات بعضنا البعض.
ما قد لا يدركه البعض أن لنا كمعلمين أثر بالغ على المجتمع، وأن التدريس هو عملية دقيقة وحساسة يعمل فيها المعلم على العقل البشري تماماً مثل الجراح. عادة ما استخدم المقارنة بين جراح المخ والمعلم خلال جلسات التطوير المهني التي أقدمها، لأسلط الضوء على أهمية الدور الذي يقدمه المعلمين والتربويين. فعبر فحوصات الدماغ، تعلمنا أن الروابط العصبية والوصلات والمراكز الجديدة تتشكل في دماغ الإنسان نتيجة للتعلم، وهي ما يسمى بنقاط الاشتباك العصبي؛ وبمجرد تشكلها، فمن المرجح أن تبقى وتزداد قوة كلما تعلمنا أكثر. وفي ضوء هذه المعلومات لا نجد أمامنا خيار سوى القيام بمهمتنا بالشكل الصحيح وعلى أكمل وجه!
نحن انعكاس لما نفكر فيه ونتحدث عنه ونفعله، لذا يجب أن تكون عقلية التميز الجماعية هي المحرك الرئيسي الذي يجمعنا معاً، ويجب أن نولى أهمية كبيرة لاختيار أهدافنا وما نطمح لتحقيقه. إن فكرة التميز قادرة على تغيير رؤيتنا لما حولنا والخطوات التي نتخذها في حياتنا الخاصة والعملية، ولكي يصبح التميز جزءاً من نظامنا التعليمي، نحتاج إلى تعريفه جيداً؛ هذا هو الشغف والرؤية التي تقود عملنا في أكاديمية الشارقة للتعليم، فقط من خلال “عقلية التميز” يمكننا أن نقدم أفضل ما لدينا.
قد تستوفي السيارة معايير القيادة على الطرق، ولكن ذلك لن يضمن لك تجربة قيادة ممتعة، كذلك هو العمل وفق قوائم التحقق من الجودة فرغم ما تقدمه لنا من فوائد فإنها لن توصلنا إلى أفضل النتائج. لذا ما أن نتمكن معاً من تعريف مفهوم التميز بشكل واضح، سيصبح نهجنا أكثر تعاوناً وسيركز على تعزيز الكفاءات الجماعية وبناء المحاور الملموسة والافتراضية للابتكار والتميز.
طيلة 15 عاماً هي رحلتي في نظام التعليم في الإمارات العربية المتحدة، كنت محظوظاً بالعمل كمقيم للجودة ومستشار للتطوير والإدارة فيما يقرب من 500 مدرسة في الإمارات السبع. ما تعلمته خلال هذه السنوات هو أننا نمتلك الأسس اللازمة لإنشاء ممارسة متميزة داخل الفصول الدراسية والمدارس والمؤسسات التعليمية، وكل ما علينا أن نفعله داخل كل مؤسسة تعليمية هو أن نعمل معاً لنركب مكعبات الليغو ونشكل تحفة فنية نكمل بها الرؤية التعليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة.
انتقل العالم خلال العقدين الماضيين من العقلية “الاستخراجية” التي أطلقتها الثورة الصناعية إلى عقلية “الحلم” المستدام، إيماناً بأن المستقبل يحتاج إلى نقلة نوعية نحو “التجديد” والقيادة المتجددة. تسعى العقلية الاختزالية إلى تحقيق الكفاءة والترشيد والتجانس، ويعتقد أتباعها أن تقليل الإجراءات أو الأشخاص أو التكاليف المستثمرة مع الحفاظ على النتائج نفسها، هو الخيار الأفضل. لكننا عندما ننظر إلى الأنظمة الحية من حولنا نلاحظ أنها تتبع نمطاَ مختلفاً، فالغابات المطيرة على سبيل المثال والتي تعد واحدة من أكثر الأنظمة نضجاً على كوكبنا، لا تتسم بالمنطقية أو المنهجية، ولا تتكرر فيها الأشجار بشكل منتظم، وإنما تنمو فيها العديد من النباتات والكائنات الحية المتنوعة بشكل عشوائي، بعضها ضمن نطاق صغير للغاية والبعض الآخر يستحوذ على مساحات كبيرة وينمو باستمرار.
لا زالت الفرصة أمامنا لتحديد المستقبل ويمكن لنا أن نتصوره كما نتمنى. يعد البدء بتصور مستقبل إيجابي وتجاوز القيود قصيرة المدى بداية شُجاعة، لأن العمل المبني على مشاعر الأمل يمكن أن يحفز طاقات الإبداع والنشاط والالتزام التي من شأنها أن تسهم في تحقيق التغيير الذي نأمله. دعونا نتخيل نظاماً تعليمياً مزدهراً يعمل الجميع فيه معاً نحو قيادة وتقديم أفضل بيئة تعليمية لأنفسنا وللآخرين.
ضمن الأنظمة المتجددة الدقيقة، لا يمكن أن يمتلك فرداً واحداً وجهة نظر شمولية ونهائية، لدينا جميعاً أفكاراً قيمة ولدى كل منا بعض القطع التي يمكن أن تكمل أجزاء الأحجية عند تركيبها معاً، فدعونا نفتح آفاقنا ورؤانا نحو مستقبل ملئ بالاحتمالات والفرص.
التعاون هو أحد أهم قيمنا في أكاديمية الشارقة للتعليم، ومن خلال الأخذ بجميع وجهات النظر والخبرات المتعددة، يمكننا أن نشكل رؤية وفهم أوسع للعملية التعليمية، لنتمكن في النهاية من بناء “نموذج متجدد للتعليم والتعلم”. يجب أن نثق جميعاً أن الشارقة والإمارات العربية المتحدة لديهما الإمكانيات التي تتيح لهما تطبيق واحداً من أفضل أنظمة التعليم في العالم.
هشام متولي هو مدير برامج المُسرّعات والبرامج التخصصية في أكاديمية الشارقة للتعليم، وزميل أول في كلية الدراسات العليا الأسترالية للقيادة. لدى متولي خبرة استراتيجية على مستوى الولاية في كل من التعليم العالي والصفوف الدراسية من الحضانة إلى الصف الثاني عشر. عمل كعضو مؤسس في مكتب التفتيش المدرسي في دبي، حيث شغل منصب مفتش أول وقاد مشاريع الشراكة المجتمعية. كما عمل في أبوظبي كمدير لعمليات التفتيش وجودة التعليم مع مجموعة ترايبل.
قام متولي بقيادة وإدارة عمليات التفتيش في أكثر من 350 مدرسة في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، كما قاد عملية تطوير إطار التفتيش لمدارس حكومة أبوظبي وساهم في تطوير إطار الرقابة المدرسية في دبي. وشارك متولي في إدارة مشروع وطني لوزارة التربية والتعليم في الإمارات العربية المتحدة لتدريب وإعداد 700 من قادة إصلاح التعليم بالتعاون مع بيرسون للتعليم، والكلية الوطنية للقيادة في المملكة المتحدة، وجامعة نوتنغهام، وقد شغل العديد من المناصب القيادية العليا للتعليم في أستراليا.