- Posted on
- Salma Waly
- 1 Comment
إعادة تصور التعلم
كيف يبدو ذلك في المدارس؟
ظهرت في الآونة الأخيرة مقاومة ملحوظة بين مدربي المعلمين وقادة المدارس تجاه الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا في التعليم والتعلم. يجادل الكثيرون بأن هذه الأدوات تُستخدم بشكل مفرط وتجعل من الصعب “قياس” ما هو التعلم الحقيقي. كنت أجد نفسي على مدى السنوات القليلة الماضية غالباً أقول: “لقد حان الوقت لإعادة تصور التعليم”. ولكن ماذا يعني ذلك حقاً؟ أقدم في هذه المقالة بعض الاقتراحات التي يمكن أن تساعدنا في تحقيق هذا الهدف: إعادة تصور التعليم والتعلم. ومن المهم أن ندرك أن هذه الاقتراحات تتطلب تغييراً في طريقة التفكير، يمكن أن يحدث التغيير فقط عندما نبدأ في رؤية الأمور من منظور جديد كلياً. وإليكم نقطة انطلاق لما قد تبدو عليه إعادة تصور التعليم والتعلم:
1. فهم أن التعلم يمكن أن يحدث في أي وقت وفي أي مكان
يمكن للطلاب التعلم من خلال البودكاست في ًصفوف تعلم اللغات، واستكشاف مفاهيم جديدة باستخدام تطبيقات تعليمية متنوعة، أو التواصل مع خبراء عالميين من خلال رحلات ميدانية افتراضية ومبادرات استضافة متحدثين. تسمح أدوات مثل أنظمة إدارة التعلم، وتطبيقات الهاتف المحمول، والمحافظ الرقمية للطلاب بالوصول إلى المواد الدراسية بوتيرتهم الخاصة، ومراجعة المحتوى الصعب، والانخراط في التعلم التعاوني حتى خارج المدرسة. ولا تساعد هذه الأدوات على التعلم المتمايز فحسب، بل تُنشئ أيضًا مسارات تعليمية متنوعة بوتيرة ذاتية لكل متعلم، لينمو ويتطور حسب احتياجاته وقدراته.
تتجلى هذه الفكرة بوضوح في نهج المدارس والمؤسسات التعليمية في الشارقة، حيث شجعت هيئة الشارقة للتعليم الخاص المدارس على تقديم نماذج تعليمية هجينة ومرنة، خاصة في أعقاب الجائحة. كما أظهرت مبادرات مثل دورات التطوير المهني عبر الإنترنت التي تقدمها أكاديمية الشارقة للتعليم قدرة المعلمين أنفسهم على التعلم من أي مكان وأي وقت.
2. إعطاء الأولوية لتطوير المهارات بدلاً من تقديم المحتوى
يجب أن يمتلك طلاب اليوم القدرة على التكيف والتعاون مع مختلف الثقافات، والتفكير بشكل نقدي في المعلومات التي يجدونها على الإنترنت. تدمج بعض المدارس مهام التعلم القائم على المشاريع في المناهج الدراسية، مُشجّعةً بذلك الطلاب على تطوير حلول للقضايا البيئية والاجتماعية المحلية، بحيث تُحوّل المهارات المجردة إلى نتائج ملموسة. ولا يُساعد هذا الطلاب على تطوير فهم دقيق للمفاهيم فحسب، بل يُساعدهم أيضًا على نقل المعرفة إلى العالم الخارجي، ليتمكنوا من مواجهة القضايا والتحديات في مجتمعاتهم المحلية.
3. إعادة التفكير في التقييم
غالبًا ما تفشل الاختبارات التقليدية في رصد عمق وشمولية تعلم الطلاب. لذا، علينا دمج تقييمات تشمل ملفات الإنجاز، والتأملات الذاتية، وتقييمات الأقران، ومهام الأداء في العالم الواقعي. فمثلاً، قد يُنشئ الطالب عرضًا تقديميًا متعدد الوسائط، أو نموذجًا أوليًا لإثبات معرفته بمفهوم ما. كما يُمكن للمعلمين أيضًا تتبع تقدم الطلاب مع مرور الوقت وبمساعدة التكنولوجيا، وتصميم ملاحظات تدعم نموهم الفردي. تتضمن هذه الأشكال الجديدة من التقييم معرفة أن سير التعلم ليس خطيًا، وتُقدم صورة أشمل لرحلة المتعلم.

4. إقامة روابط تعليمية عالمية
يتيح التعاون مع طلاب من دول أخرى في مشاريع مشتركة للمتعلمين تقدير التنوع، وتطوير مهارات التواصل بين الثقافات، وتوسيع آفاقهم العالمية. ويمكن مثلاً لصف دراسي في الإمارات العربية المتحدة التعاون مع مدرسة في اليابان لمناقشة الطاقة المتجددة، ومشاركة نتائج البحوث، واقتراح الحلول بشكل تعاوني. لتُهيئ هذه التجارب الطلاب للتنقل في بيئة معولمة، حيث يُعدّ التعاطف والتواصل والتفاهم بين الثقافات مفتاح النجاح.
أما في الشارقة، فتتيح فعاليات مثل معرض الشارقة الدولي للكتاب ومهرجان الشارقة القرائي للطفل للطلاب التفاعل مع مؤلفين ومتحدثين ومعلمين عالميين، ما يوفر فرصًا رائعة لتوسيع آفاقهم العالمية خارج السياق المحلي.
5. اعتماد التعليم المتجاوب ثقافياً
تعزز التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي قدرتنا كمعلمين على العثور على الموارد والمواد التي تعكس ثقافات ولغات واحتياجات طلابنا. لذا فإن تكييف ممارسات التعليم لتكون متجاوبة مع الخلفيات الثقافية المتنوعة للطلاب خطوة نحو ضمان أن يكون التعليم شاملاً ويستجيب لاحتياجات جميع المتعلمين.
يتضمن ذلك استخدام الأمثلة ودراسات الحالة والمحتوى الذي يعكس هويات المتعلمين في الصف الدراسي، والتعرف على الطرق المختلفة التي قد يعبر بها الطلاب عن فهمهم بناءً على معاييرهم الثقافية. يتضمن التدريس المستجيب ثقافيًا الاستماع إلى تجارب الطلاب وإشراك أصواتهم في عملية التعلم، ما سيعزز المشاركة والانتماء والنجاح الشامل بين المتعلمين. تتميز مدارس الشارقة بتنوعها الشديد، حيث تستضيف طلابًا من جميع أنحاء المنطقة العربية وجنوب آسيا وأفريقيا والأمريكيتين وأوروبا. يعمل العديد من المعلمين في الإمارة بنشاط على دمج التراث العربي والقيم الإسلامية مع المحتوى الدولي لتحقيق التوازن بين التطلعات العالمية والاحتياجات المحلية. كما يستخدم المعلمون أدوات الذكاء الاصطناعي لتعديل مستويات القراءة، وتوفير الترجمة، وموائمة مسارات التعلم لتعكس الاحتياجات المتنوعة للطلاب في الصفوف الدراسية متعددة اللغات في الشارقة.
يشمل ذلك استخدام أمثلة ودراسات حالة ومحتوى يعكس هويات المتعلمين في الفصل الدراسي، بالإضافة إلى الاعتراف بالطرق المختلفة التي قد يعبر بها الطلاب عن فهمهم استنادًا إلى معاييرهم الثقافية. يرتكز التدريس المستجيب ثقافيًا على الاستماع إلى تجارب الطلاب وإشراك أصواتهم في عملية التعلم، مما يعزز التفاعل والشعور بالانتماء والنجاح الأكاديمي.
تتميز مدارس الشارقة بتنوعها الكبير، حيث تضم طلابًا من مختلف أنحاء العالم العربي وجنوب آسيا وأفريقيا والأمريكتين وأوروبا. يعمل العديد من المعلمين في الإمارة على دمج التراث العربي والقيم الإسلامية مع المحتوى الدولي لتحقيق توازن بين الطموحات العالمية والاحتياجات المحلية. كما يستخدم المعلمون أدوات الذكاء الاصطناعي لتعديل مستويات القراءة، وتوفير الترجمة، وتكييف مسارات التعلم لتلبية الاحتياجات المتنوعة للطلاب في الفصول الدراسية متعددة اللغات في الشارقة.
6. إدخال نماذج التعليم المدمج
أحد المجالات التي غالباً ما تواجه مقاومة من المعلمين هو التعليم عبر الإنترنت. يمكن أن يكون التعليم عبر الإنترنت، عندما يُقدم بشكل صحيح، أداة رائعة تعزز الوصول، والتخصيص، والتفاعل، والتعلم الذاتي. يعد الجمع بين التعليم عبر الإنترنت والتعليم التقليدي وجهاً لوجه أمر أساسي لإنشاء بيئات تعليمية مرنة تلبي احتياجات الأفراد والمجموعات. حيث يجب أن يُدمج التعليم عبر الإنترنت في الخطة السنوية لكل مدرسة، وأن يكون جزءاً من خطة طوارئ في حال حدوث أي انقطاع للتعليم لأي سبب. دعونا نتأمل الدروس التي تعلمناها من تجربة جائحة كوفيد-١٩.
7. إعادة تصور دور المعلمين
أنشأت العديد من المدارس “فرق ابتكار” أو “قادة رقميين” ضمنها، وتضم هذه الفرق معلمين يستكشفون أدوات جديدة ويقودون تدريب الأقران. ما يُمكّن المعلمين من المشاركة في ابتكار التعلم، بدلاً من مجرد التنفيذ، ويضعهم في موقع قيادة عملية تحول المدارس.
باختصار، من المهم ملاحظة أنه لكي تتبلور هذه الرؤية، يجب على مدربي المعلمين وقادة المدارس أن يصبحوا داعمين للمعلمين لتبني الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا كأدوات للابتكار بدلاً من تهديدات للتقاليد. وهذا يعني إنشاء فرص للتطوير المهني، وتقديم أمثلة عملية، وتعزيز ثقافة التجريب والمخاطرة. يجب أن تكون المدارس أماكن تُقام فيها شراكات مع قادة التكنولوجيا التعليمية بحيث تُؤخذ أصوات الطلاب والمعلمين بعين الاعتبار عند تطوير التكنولوجيا وتحسينها. خلاف ذلك، ستستمر المدارس وشركات التكنولوجيا التعليمية في العمل بمعزل عن بعضها البعض، مما يزيد من اتساع الفجوة ويحرم المعلمين والطلاب على حد سواء من فرصة الازدهار والنمو في عالم دائم التغير.
د. سلمى والي
أستاذ مساعد، قسم تعليم المعلمين
الدكتورة سلمى والي، الحائزة على جائزة “أفضل أمريكية عربية تحت سن الأربعين” لعام 2022، هي معلمة مبتكرة ملتزمة بتوظيف قوة التعليم لبناء المجتمعات. خلال مسيرتها المهنية، عملت في مجالات متنوعة تشمل التدريس والبحث في التعليم العالي، القيادة المدرسية، وتصميم وتقييم البرامج التعليمية عالمياً.
اكتسبت خبرة واسعة من العمل في بيئات متعددة مثل الولايات المتحدة، مصر، قطر، المملكة العربية السعودية، السودان، سوريا، اليابان، إندونيسيا، الصين، وأمريكا الجنوبية. تبرز مهاراتها القيادية في تنظيم العمل الجماعي، إدارة المشاريع بدقة، ووضع استراتيجيات اتصال فعّالة.

اريد التسجيل كيف ماهي الإجراءات
يوجد صف ولا عن بعد